حرف القطيف Admin
عدد الرسائل : 339 تاريخ التسجيل : 12/09/2008
| موضوع: ما هو معنى الدِين ، و ما هو المقصود منه في المُصطلح الإسلامي و القرآني الأربعاء 1 أكتوبر 2008 - 2:49 | |
|
س : ما هو معنى الدِين ، و ما هو المقصود منه في المُصطلح الإسلامي و القرآني ؟
جواب : استُعملت كلمة " الدِين " في اللغة العربية في معاني عديدة منها :
1. الجزاء : و قد استُعملت كلمة " الدين " بمعنى الجزاء في عدة مواضع من القرآن الكريم منها :
· قول الله عَزَّ و جَلَّ : { مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ } [1] أي مالك يوم الجزاء .
· قول الله جَلَّ جَلالُه : { وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ } [2] .
و استُعمل الدين في الأحاديث الشريفة أيضا بمعنى الجزاء في مواضع ، منها : " أبن آدم : كن كيف شئت ، كما تَدِين تُدان " [3] أي كما تُجازي تُجازى .
2. الطاعة : و استُعمل " الدين " بمعنى الطاعة في القرآن الكريم في مواضع منها :
· قول الله عَزَّ و جَلَّ : { وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ } [4] .
· و قوله تعالى : { قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } [5] .
و قد استُعملت كلمة الدين في الأحاديث الشريفة بمعنى الطاعة في مواضع كثيرة ، منها : " العلم دينٌ يُدان به " [6] أي طاعة يُطاع الله به ، و دانَ الرَجُلُ بالإسلام ديناً ، أي تَعبَّد الرجل بالإسلام و تديّن به .
الدين في تعاريف العلماء :
عَرَّف العلماءُ الدينَ بتعاريفٍ مختلفة نشير إلى أهمها كالتالي :
1. بأنه : " أسم لجميع ما يُعبد به الله " [7] .
2. بأنه : " وضع إلهي لأولي الألباب يتناول الأصول و الفروع " [8] .
3. بأنه : " ما يدان به من الطاعات مع اجتناب المحرمات " [9] .
4. بأنه : " وضع الهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى ما هو خير بالذات " [10] .
5. بأنه : " وضع الهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير بالذات قلبياً كان أو قالبياً ، كالاعتقاد و الصلاة " [11] .
تعريفنا للدين :
و لو أردنا أن نُعرِّف الدين بتعريف جامع و مختصر قلنا : الدين : " معرفة و طاعة حسب النهج الإلهي " .
و لتوضيح ذلك نقول :
إن الأصول و الأسس التحتية لفكر الإنسان و سلوكه العقائدي و الفكري تسمى بأصول الدين ، و يراد بها الأمور التي ترتبط بعقيدة الإنسان و سلوكه الفكري و التي تبتنى عليها فروع الدين التي ترتبط بأفعال الإنسان أي سلوكه العملي ، فما يرتبط من أحكام الدين بتوجيه السلوك النظري للإنسان ـ أي المعرفة و العقيدة ـ تُسمى بأصول الدين ، و ما شُرِّعت لتوجيه سلوك الإنسان العملي و تنظيم حياته الفردية و الاجتماعية و إرشاده إلى ما فيه خيره و صلاحه سُمّيت بفروع الدين ، فالدين معرفة و طاعة ، معرفة بأصول الدين ، و طاعة في فروعه .
الدين في المفهوم القرآني :
هذا و إن المتتبّع يجد أن معنى الدين في المفهوم القرآني هو معنى دقيق جداً ، يقول العلامة المحقق آية الله الشيخ جعفر السبحاني ( حفظه الله ) :
" إن الدين حسب اصطلاح القرآن هو الطريقة الإلهية العامة التي تشمل كل أبناء البشر في كل زمان و مكان ، و لا تقبل أي تغيير و تحويل مع مرور الزمن و تطوّر الأجيال ، و يجب على كل أبناء البشر إتباعها ، و هي تُعرض على البشرية في كل أدوار التاريخ بنحو واحد دون ما تناقض و تباين ، و لأجل ذلك نجد القرآن لا يستعمل لفظة الدين بصيغة الجمع مطلقاً ، فلا يقول : " الأديان " و إنما يذكره بصيغة المفرد ، كما يقول : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ } [12] { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [13] ، في حين أن " الشريعة " تعني مجموعة التعاليم الأخلاقية و الاجتماعية التي يمكن أن ينالها التغيير مع مرور الزمن و تطوّر المجتمعات و تكامل الأمم ، و لذلك لا يضير استعمال هذه اللفظة في صورة الجمع ، فيقال " شرائع " و قد صرّح القرآن بتعدد الشريعة .
فهو رغم تصريحه بوحدة الدين ـ كما مرّ في الآية السابقة ـ يُخبر عن وجود شريعة لكل أمة ، و يكشف بذلك عن تعدد الشريعة إذ يقول : { ... لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ... } [14] .
و على هذا فان البشرية دُعيت في الحقيقة إلى دين واحد و هو الإسلام الذي كان متحد الأصول في كل الأدوار و الأزمنة ، و كانت الشرائع في كل زمن و ظرف طريقاً للوصول إلى الدين الواحد ، و لم تكن الشرائع إلا طرقاً للأمم و الأقوام ، لكل قوم حسب مقتضيات عصره و مدى احتياجه .
و أما الملّة ، فهي بمعنى السنن التي بها تقوم الحياة البشرية و تستقيم ، تلك السنن التي أودع في مفهومها " الأخذ و الاقتباس من الغير " .
و لذلك يضيف القرآن الكريم هذه العبارة ـ لدى استعمالها ـ إلى الرُسل و الأقوام ، إذ يقول مثلاً : { ... قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [15] ، { ... إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } [16] .
و على هذا تكون الملة و الشريعة متحدين معنى و مفاداً مع فارق واحد هو أن الملة تضاف إلى غير الله ، فيقال : " ملّة محمد " و " ملّة إبراهيم " و لا تضاف إلى الله تعالى ، فلا يقال : " ملّة الله " [17] .
..................
[1] سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 4 .
[2] سورة الذاريات ( 51 ) ، الآية : 6 .
[3] الكافي : 2/ 138 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، الطبعة الثالثة / طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1388 هجرية .
[4] سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 52 .
[5] سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 29 .
[6] نهج البلاغة : 4 / 36 ، شرح الشيخ محمد عبده ، دار المعرفة ، بيروت / لبنان .
[7] المنجد : مادة " دان " .
[8] مجمع البحرين : 6 / 215 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .
[9] شرح المصطلحات الكلامية : 149 ، إعداد قسم الكلام في مجمع البحوث الإسلامية بمشهد / إيران ، الطبعة الأولى ، سنة : 1415 هجرية ، نقلاً عن المعتمد في أصول الدين : 192 .
[10] شرح المصطلحات الكلامية : 149 ، نقلاً عن العقائد النسفية : 1 / 6 .
[11] شرح المصطلحات الكلامية : 150 ، نقلاً عن الكليات : 168 .
[12] سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 19 .
[13] سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 85 .
[14] سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 48 .
[15] سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 135 .
[16] سورة يوسف ( 12 ) ، الآية : 37 .
[17] مفاهيم القرآن : 1 / 545 ، للعلامة المُحقق آية الله الشيخ جعفر السُبحاني ، الطبعة الثانية سنة : 1404 هجرية ، قم / إيران .
| |
|